الحب - مترجم عن أوشو  (قائمة المقالات)

 

الحب منحنا الحرية من كل ارتباط .. فعندما تحب تكون في وفاق و اتفاق
مع كل ما حولك .. ترتبط به ارتباطا دون ان تربط.
و لكن ارتباطنا بالحب صار انحطاط... فالمرأة تحط من شأن الحب عندما
تقيد حبها للرجل و كذلك الرجل على حد سواء...
الحرية في الحب ما بين المرأة و الرجل أصبحت عبودية...
فالحب تاج يتوج المرأة و الرجل في كيان واحد ..
و يجعل منك و مع من و ما تحب كيانا واحدا...
فالحب توحيد يوحدك في إطار واحد..
و سنرى معا كيف للحب أن يسمو بنا في علاقاتنا, و عند الجنس و كذلك
في نمونا الروحي..
و كيف لنا أن نتجاوز الجنس تجاوزا تأمليا... برؤية مقدسة لا مدنسة.

نعم فالحب يمنحنا حرية لا نتقيد بها تحت أي عبودية, يوحدنا و لا يجردنا
يربطنا مع كل ما نحب دون أي رابط .. توحيد دون أي تقييد...
و كذلك الأديان رأت في الحب الرابط الوحيد للتوحيد..
الحب يربطنا بكل شيء دون أي رابط و ارتباط..
و لكن يتوجب علينا تفهم ماهية الارتباط.. لماذا نتعلق بالأشياء
لدرجة الانحطاط؟؟
فتعلقنا بالأشياء هو نتيجة لشعورنا بالخوف من فقدان هذا الشيء..
اما خوفا من أن يسرق أو أن يعدم و ينعدم لاحقا.. أو غدا.
و هل يمكن لأحد بأن يثق في الغد؟؟
الحب ما بين الرجل و المرأة على حد سواء إما أن يوحد أو أن يشتت...
قد يغرب و قد يقرب.
بالتوحيد مع الحب لا يصبح هناك أي فاصل بين المحبين....
الأجساد تبقى في طي التعداد و لكن قلوبهم أصبحت قالبا و قلبا واحدا توحد تحت شعار الحب.. و قلب المحب يرى فيمن يحب ذاته. . .
و نشوة الحب هو كالغيمة التي تظل المحبين بظلها... و لا يبقى هناك أي
أجساد أو أبعاد بل فناء في الحب و إحياء بالحب..
و بذلك الفناء لن تتقيد تحت أي غطاء ... عندما تتوحد مع الحب يزدهر حينها و يسمو بك دون أن يقيدك..
و تتلاشى كل مخاوفك من الغد..
و لن يكون هناك أي ارتباط و لا تعلق,زواج و لا أي عقد و إنما ستعلو بحرية تسمو بك عن العبودية...
و لكن كيف للحب بان يعلو و يسمو بنا و نحن نهينه .. و نغلفه بقوانين..
نعدمه و لا ندعمه...
كيف للحب بان يكون في أوراق رسمية موسمية تتبدل في كل موسم..
فهذه جريمة في حق الحب لا يمكن أن تغفر..
لا يمكن وضع الحب تحت أي قانون فالحب قانون في حد ذاته..
و القانون لأولئك الذين لا يعرفون كيف يحبون..
و القانون ليس الا ستار تستر يجلب التوتر .. فالقانون لمن لا يتناغم مع قلبه
و إنما مع عقله..
و مثل هذه القيمة العظيمة التي يجب أن تفهم بعمق و ليس على السطح ... لا ثقافيا و لا عاطفيا. . .
الحب هو الحرية الوحيدة الذي حررنا من كل ارتباط..
لأنه عند الحب تحيا و تحيي الحب و لا شيء عدا الحب..
و كل لحظة تحمل في طيها حبا عظيما قد يكون في .. رقصة , مجدا أو أغاني تتجدد و تتواجد مع كل لحظة في الحب ..
و حتى إذا كان المحبين ليس على اتفاق و وفاق و تفرقوا حتى لا يكون هناك نفاق.. فالحب يسمو و يعلو دائما كما هو..

الحب ليس له أي ارتباطات لأنه الحب ليس تنازلا و إنزالا للكرامة...
بل الحب هو الاحترام و الشرف ذاته.
و لكن كل زيجات الزواج كقطرات من الندى.. بينما الحب هو كالنهر يتدفق و ينهر حبا..
و لكن الحب في يومنا هذا ليس قادرا على ارواء عطش أي شخص..
فهو كالقطرات مقارنة بما هو عليه محيط الحب...
و الحب بهجة و فرح يملئ الوجود و لا يدعوا بعض الأفراد للاحتفال به و إنما الحب هو رقصة الوجود من نجوم, زهور و طيور...
و العالم أجمع صديق صادق و متصادق مع هذا الحب..
و ما أن تتفهم الحب فلن يكون هناك أي رابط أو ارتباط..

و سيكون هناك عالما مختلفا كليا و ستتعايش فيه الحرية بحرية .. فقط إذا تفهم الإنسان بأنه مهما كان كبير فهو لا يزال .. كالطفل الذي يلعب على الشاطئ
و يجمع الأصداف و الأحجار و يتمتع بكل ما هو صغير في الحياة...
و عندها سيصبح العالم عالما منعما بنوعية خاصة من الجمال يحمل لمعانا و بريقا يتعاظم في كل قلب يحترق حبا..
فنيران الحب تنمو مثل الأشجار.. و نيران الحب تجلب الزهور و الثمار
كما تجلبها الأشجار..
و لكن ما نظن بأنه حبا ليس حبا بل يؤدي بنا إلى تجارب فاشلة....
و لربما في أحد المرات خاطبك أحدهم قائلا لكي.. كم تبدين جميلة!!!
أحبك كثيرا! و ليس هناك أي إمرأة تضاهيك و تضاهي جمالك في الكون.!!
و لكن هل له الحق في قول هذا الشيء؟؟ ... هل تعرف على كل نساء العالم و الكون بالكامل؟؟
أبدا ما تسألت و لا سألت من يقول لك أحبك .. عن ماهية هذا الحب؟؟
حتى ما لم تعلم ما هو الحب ؟؟ و ما الأسباب التي أدت إلى ذلك؟؟
و هذا الشخص سيبدأ بالتبعثر و التعثر في حيرة من أمره لأنه ليس من المتوقع أبدا في هذه الحالات أن ترفع التساؤلات..
و لكن الحب لم يعد يحمل أي معنى لأنه كل محب استغنى عن المعنى الحقيقي للحب..
و بتقييد المرأة و الرجل لحرية الحب تحت إطار العبودية كيف للحب أن يتوجهما في كيان واحد فهذا الشيء ثمين و لا يحط و ينحط تحت إطار العبودية..
و في اللحظة التي تقيد فيها الحب بالارتباط, عندها يصبح علاقة و يصبح متطلبا... فتكسر بذلك أجنحة الحب التي تسمو به في الأعالي و تجعله في قعر الوادي سجينا عدمت و اعدمت حريته.. و لا يمكن أن يكون حبا حينها..

و يستمر الأزواج و الزوجات بالعيش في نفس السجن طوال حياتهم...
مع أطفالهم... و كلما زادت العائلة أفرادا أصبح كل فرد منهم أقل إحساسا..
فكثرة الأنفاس تذهب الإحساس.. و تصبح كالآلة .. كل شيء فيك يبدأ بالتقلص و النقصان.. سمعك, بصرك,ذوقك و تذوقك لن يبقى على حاله كما كان..
إذا كنت متيقظا لذلك ستنبهر و تتفاجئ من هذا الشيء .. و لهذا نرى أي شخص عندما يقع في الحب .. يصبح إنسانا جديدا بكل كيانه.. يمتلئ وجهه توهجا.. و يمكن أن ترى و ستلاحظ في مشيته و كأنها رقصة في حد ذاتها و كذلك ملابسه تزهو أناقة و لباقة ..
و لكن هذا الحال لا يدوم طويلا .. و في خلال اسبوع أو اسبوعان سيعاود
و يعود السأم نفسه و يستقر في نفس المقر.. و يبدأ الغبار بالتجمع ثانيتا ..
كل الابتهاج مضى و اختفى...
و لن يلاحظ بأنه هناك لازالت أزهارا تتفتح و لا يرى جمالها..
و لا يرفع بصره عاليا للسماء ليرى لألئ النجوم تمتلئ تلألئا..
و هناك الملايين من الناس لم يرفعوا بصرهم لأعلى لرؤية السماء و كأن
عيونهم أصبحت تحت أقدامهم لا ترى الأعالي و إنما تظل تحوم في الواطي... و كما لو أنهم خائفون بأن تمطر السماء نجوما تتساقط عليهم..
هناك القلة القليلة التي تحب و ترغب في أن تنام تحت السماء دون غطاء و عيناها تحوم في النجوم...
و لربما تذوقت قطرة من الحب مرة .. و عشت مطولا دون أن تشعر بالحب
و هذا مؤشرا على أن الحب الأول كان مراً و لم يتعدى طعمه لسانك..
و الملايين من الناس تشعر في أعماقها بأنه من الأفضل لو بقوا متوحدين مع أنفسهم.. و لا انزعجوا و أزعجوا أنفسهم بالحب و الزواج..
و هذا لأنه الحب لم يفهم بشكل صحيح و إنما فقد حريته... و لكن هذا هو الحال الآن و لا يمكن عمل شيء حياله..
لا يمكنك التراجع و العودة عازبا مرة أخرى..
و بالرغم من البؤس في هذا القفص الذي عشت فيه براحة و أمان
و لكن في داخلك لا تشعر بالاطمئنان..
على الأقل لست وحدك في بؤسك و إنما مشاركة بينك و بين شريك حياتك..

و هذه الحالات لا تحتمل على الإطلاق....
و بعض التغييرات الأساسية في الفهم الإنساني أصبح ضروري جدا.
و الحب لا يجب أن يكون مسجونا إذا كانت هناك رغبة في أن يترافق
الرجل و المرأة في توافق مع الحب.
و الحب يعطي حرية أكثر للنمو الروحاني و الذاتي و يجعل من المحب
في حالة تأملية..
و ما لم يحدث هذا الشيء فسيواجه المستقبل مشكلة و هي في تفاقم الآن
في العديد من الدول و خاصة الغنية منها..

و إذا ما تفاقمت هذه الحالة فلن يكون هناك أي وفاق ما بين الرجل و المرأة... اهتماماتهم ستصبح منفصلة في كل مجالات الحياة...
و لن يصبح بامكانهم التفاهم مع بعض....
و الصمت التي تبحث عنه في الهمالايا و لست مجبرا على مشقة نفسك في ذلك ... فما أن يجلس الرجل بجانب المرأة حتى يسود الصمت في ذلك الحين... و لكنه ليس صمتا داخليا و فكريا بل صمتا لا يتعدى صمت اللسان و قمعا للشيطان... يحوي ثرثرة داخلية و فكرية و تراكمات من الغضب ...
ما تلبث أن تجد الفرصة المناسبة للانفجار و قيام الحرب فيما بينهما..

و لكن الحب يسمو بالرجل و المرأة في كيان واحد..
فالحياة ما عدى ذلك ستصبح في ظلام دامس...
و حتى إذا كانت هناك نجاة من الحرب العالمية .. فلن تكون هناك أي قيمة للحياة و لا نجاة من البؤس و السأم الذي سيحل بينهما حتى الممات..
و الحب لا يقيد و لا يربط بأي سلاسل تعيقه ..
لطالما الناس يتكلمون عن الحب و يقفون عند هذا الحد و لا يجتازونه و لا يتجاوزونه إلى أبعد من ذلك..
فهذا ليس حبا...
و لكن كيف للحب بأن يكون أبعد من ذلك و يطور و يتعدى علاقاتنا و الجنس و نمونا الروحي؟؟
يمكن تجاوز الأمور هذه كلها و لكن ليس بالكلام فقط و إنما بالمعرفة أولا..
فالجنس ليس مسألة تقف فقط عند الممارسة الجسدية و لا إعادة الإنتاج الحيوية من إنجاب.. فإذا كان الأمر متوقفا على ذلك فهذا ليس بالمشكلة...
بل الجنس هو طاقة لإحياء الإبداع..
كما أحيت في العديد من المبدعين من الشعراء, الرسام, الصوفيين و الموسيقيين.
فالجنس لا يتوقف عند حد الإنجاب بل فتحا لباب من طاقة إبداع هائلة..
و أكثر المبدعين عالميا كانت طاقة الجنس هي السر وراء إحياء هذا الإبداع... و لم تتوقف ممارسة الجسدية فقط عند هذا الحد أو لإنجاب
الأطفال بل تجاوزته و ملأته بالطاقة التي جعلت منه مبدعا في العديد من نواحي الحياة ... و هذه الطاقة بحاجة لإطلاق العنان و تظهر في صور مختلفة..
و الجنس بالنسبة للمبدعين شحنا لطاقة الإبداع .. و ليس شحطا لإنجاب الأطفال و إذا ما خيرتهم ما بين الأطفال فسينحازون لإبداعهم من شعر و موسيقى و رقص....
و القلة القليلة التي قد تجد منهم من لديه أطفال.. و لن تجدهم بالكفاءة التي عليها آبائهم...
و بدلا من ذلك فقد خلقوا المبدعون روايات رائعة و عظيمة تعيش معك مدى الحياة لطالما كانت هناك حياة على وجه الأرض...
روايات لا يمكن أن تظل تاريخية بل معاصرة لكل عصر...
و يمكن لك أن تستغرب كم من الجمال يصنع المبدع من عدة كلمات عادية بتركيبة جمالية يخلق منها شعرا...
إذا ما استوعبنا بان الحب ليس التقاء بين جسدين بل لقاء بين روحين...
عندها يعلو بنا الحب و يمنحنا بصيرة عظيمة للحياة...
و الأحباء لأول مرة سيصبحون أصدقاء ما عدى ذلك فلن يكونوا الا أعداء..
و لطالما الأديان و رجال الدين الذين حجبوا عن جمال معالم هذا العالم...
و الجبناء الذين يحيون الحياة كالأغبياء و يرون في كل شيئا حياء..
سمموا الحب و أدانو الجنس على أنه من الرذائل و ليس من الفضائل..
فمات الحب و الجنس ظنا منهم بأنهما مرادفا لكلمة واحدة...
و لكن الحب و الجنس ليسا مرادفا لكلمة واحدة و إنما الجنس ليس الا
طاقة جسدية جزئية جدا من كيانك.. و الحب فهو السمو و العلو و كيانك ذاته ..
فما أن ينعدم الحب يعدم إحساسك و كل إبداعك و تصبح الحياة ممات..
نعم, قد يكون بامكانك أن تتنفس و تأكل و تتكلم و إنما لا تنبض فيك روح الحياة بل تعيش مللا حتى يأتي الموت و يخلصك مما أنت فيه.. أما إذا ما توقفت في الجنس عند حد الممارسة الجسدية فلن تسمو لأي مرتبة ...
و ستكون مكينة و مصنعا لإنجاب الأطفال...
و لكن إذا ما اعتبرت الحياة كحقيقتك ... و علاقاتك في الحب علاقة عميقة جدا حتى يصبح المحبون قلبا واحدا...
فعندها لست بحاجة لأي روحانيات .. تصبح أنت الروح ذاتها..
فالحب يقودنا إلى المطلق .. إلى التجربة النهائية.. إلى الحقيقة
و هذه ليست الا مسميات يقودنا إليها الحب في درب واحد
أما إذا بقيت على حالك في ممارسة الجنس جسديا فقط فلن يكون له هناك أي أبعاد الا بإنجاب الأولاد.... و تبقى تتخبط في تيار وهمي من اهتمامات
في الحياة لا تجعلك تعيش الا على حافة الممات .. و ستعيش حياة مليئة بالبؤس و السأم .. و هذا ما يسمى قلقا مشوبا بالذنب...
و لكنك لن تعرف الجمال الحقيقي للوجود..
و الصمت الحقيقي و سلام الكون..

فالحب لا يعرف أي حدود .. أو غيرة و لا ملكية..
فامتلاكك لأي شخص يعني بأنك قتلت روح الحياة فيه و قيدت
الحرية التي منحتها له الحياة و جعلت منه سلعة..و جعلت منه كأي شيء
يملك..
و الحب يمنحنا حرية نتعايش بها فوق أي شكل من أشكال العبودية ..

f