تأمل ساعة (الجزء الثاني)  (قائمة المقالات)

 

أجبته: "يجب أن أكون ضد الجميع... لأنني يجب أن أكون ذاتي فحسب... وأي شخص يريد جذبي باتجاه مخالف ليس صديقي." كما قلت له: "إنني أتفهّم محبتك لي، لكن عليك أنت أيضاً أن تفهم حالتي. إنني أفضّل أن أُدان من قبل الدنيا كلها على أن أعاكس طبيعتي... مَن يُبالي ويسأل عن الدنيا وناسها؟؟؟! لن يستطيعوا إعطائي الحقيقة، لن يستطيعوا إعطائي المعاني الروحية العميقة التي هي أهم شيء...
ماذا يستطيعون إعطائي؟ الاحترام، الشرف؟؟ ماذا سأفعل بهذا الاحترام والشرف؟؟؟
هذه جميعها كلمات كاذبة استُخدمت لخداع الناس....
إنني ببساطة لا أريد أن أصبح أي شخص آخر... وسأتشبّث بذاتي أكثر فأكثر...
وهذا هو وعدي لك وأنت على فراش الموت. فتذكّر كلماتي حتى وأنت ميت!..."

قال لي: "عرفتُ أنك لن تُصغي إلي. وأنا سعيد بأنك مصمم على قرارك هذا."
وانهمرت دموع الفرح من عينيه... دموع الفرح لا الحزن... وقال:
"لو أنك قد وافقتني، لكنتُ قد شعرتُ بحزن شديد لأن العالم قد فقد إنساناً آخر..... لكنك لا توافق على كلامي حتى وأنا على وشك الموت.... في مثل هكذا حالة، كان أي شخص آخر سيقول، لمجرد أن يكون مهذباً قليلاً: نعم، سأفعل كل ما تقوله لي... لكنك أنت حتى في مثل هذه الحالة لستَ مستعداً لأن تقبل ما أقول... أستطيع الآن أن أموت بفرح لأنني أحببتُك وراقبتُك كيف تنمو وتكبر... طبعاً مع قلقي عليك بأنك ستُدان من قبل الأديان المتعصبة، من الحكومات وأكثرية الناس والمجتمعات...."

لكن ماذا عن جميع ما لديكم من معالجين نفسيين، قادة سياسيين ودينيين، مدرسين وجامعات: ما هي وظيفتهم؟؟؟؟
وظيفتهم هي إبقاؤك ضمن القطيع، تماماً كغنمة بين قطيع الأغنام وعدم السماح لك أبداً بأن تكون ذاتك.
إنهم جميعاً غاضبون مني بسبب قولي لهذا الأمر للناس الشباب الذين لم يموتوا بعد... لأن معظم الناس يموتون حوالي الثلاثين من العمر.. هذا هو المتوسط فقط!!!
وبعد ذلك يُدفنون عندما يبلغون السبعين... تلك الأربعين سنة الأخيرة من حياة الناس يعيشون فيها حياة المومياء، لقد ماتوا قبل ذلك بكثير ولو كانوا جسدياً أحياء...

في اليوم الذي تقرّر فيه أنه من الأفضل أن تكون مُنافقاً مُرائياً، وأن تقوم بما يقوم به أي شخص آخر وألا تكون مختلفاً... تكون عندها قد مُتَّ... لا بل تكون قد انتحرتَ.......

كل ما أعلمك إياه هو:

لا ترتكب الانتحار الروحي....

لا تحتاج لأي إرشاد من أي شخص، لأن أي شخص سيرشدك سيرشدك بصورة خاطئة.
لا يستطيع أن يعرف طبيعتك ولا يستطيع أن ينظر في مستقبلك...
ليس لديه عينان، ولا توجد أي إمكانية...
كيف تستطيع أن ترى أزهاراً في بذرة تحتاج عدة سنين لكي تنتجها؟؟
كل ما يمكن فعله هو إعطاء التربة الجيدة للبذرة، وليس النصح الجيد!
لا تحتاج لنصيحة أن عليها أن تكون زهرة ياسمين أو وردة!

يجب تقديم الرعاية لكي لا تُكسر البذرة، وألا تُقطع الورقات الصغيرة الأولى الصادرة منها....
وهذه هي مهمة المعلّم: ليس أن يرشدك، بل فقط أن يحميك عندما تحتاج للحماية.. عندما تكون هشّاً وصغيراً مبتدئاً في الحياة...
ومع استمرار النمو، ستخرج الوريقات الصغيرة من الأرض، وتدخل في عالم مجهول تهبّ فيه الرياح القوية وتسقط الأمطار العنيفة... وهناك احتمال كبير بأنك قد تتحطّم....
مهمة المعلم ليست في أن يقودك، مهمته هي مساعدتك وحمايتك، لكن فقط للوقت الذي تستطيع فيه أن تقف على قدميك.. وبعدها ببطء، يفصل نفسه عنك بحيث تستطيع أن ترقص لوحدك في السماء الواسعة... وتحت النجوم بكامل جمالك وبهائك...

هناك مقولة جميلة:
"كل النظريات يا صديقي رمادية اللون... لكن الشجرة الذهبية للحياة الحقيقية تبقى مخضرّة منيرة دائماً."

تجنّب النظريات... إنها كلها رمادية.

ودعْ الموتى يناقشون النظريات.

الأحياء لديهم شيء أكثر بريقاً، أكثر حياةً...
عليهم أن يُحبّوا... وأن يتأمّلوا... عليهم أن يستنيروا قبل أن يطرق الموت أبوابهم!

وتذكّر أيضاً أن الحياة ليست هي الحياة التي تجدها في كاليفورنيا!
كاليفورنيا هي مكان أقرب ما يكون إلى الجنون حيث يتنقّل الناس باستمرار من معلم إلى معلم، تماماً مثل الموضة!
مثلما يغيّرون معجون أسنانهم، يغيّرون مرشديهم!
مثلما يغيّرون صابون المغسلة، يغيرون معلميهم... مستشاريهم النفسيين، أطباءهم...
اعتاد "أوسكار وايلد" أن يقول:
"الموضة هي شكل من القبح، لا تُطاق أبداً لدرجة أننا يجب أن نغيّرها كل ستة أشهر".... لا داعي لكل هذا!

البارحة تماماً، تلقّيتُ رسالة من أحد المريدين يقول فيها أنه ذاهبٌ إلى معلّم، فهل يستطيع الحصول على مباركتي؟؟!.. هل يستطيع الذهاب؟
الناس فعلاً في حالة غريبة، يريدون الإبحار في أكثر من قارب في نفس اللحظة...
إنهم يصنعون حياتهم بطريقة ستتحول فيها إلى كارثة.
إذا كنتَ تنمو بشكل جيد.... وقد كتب أيضاً في رسالته أن تأمّلاته جيدة جداً وأنه بدأ برؤية أشياء كانت مجرد كلمات بالنسبة له....
والآن في هذه اللحظة الحساسة، الذهاب إلى شخص آخر أمر خطير... لكنني إذا قلتُ:
"لا تذهب" أكون قد تدخّلتُ في حياته... وأنا أفضّل ألا أتدخل أبداً حتى لو كنتَ تسير على خطأ....
لذلك أخبرته: لا أستطيع أن أبارك لك ذلك لأنني لا أعلم من هو الذي ستذهب إليه، لكنك ذكيّ كفاية... إذا كنت تشعر بأن ذلك الشخص سيدعم نموّك بطريقة ما، بطريقة تكون صحيحة تماماً بالنسبة لك، وتشعر أنك تسير تماماً على الدرب الصحيح، وأن بؤسك وقلقك يختفي، وأن مرحاً وسعادة حقيقية تنشأ في داخلك... إذا كنت واعياً لكل هذه الأمور، فعندها أي شخص يغذّي روحك يكون من الجيد أن تذهب إليه...

...لكن في الحقيقة، لا حاجة لأن تذهب لأي مكان، الرحلة داخلية تتجاوز الزمان والمكان... وأنت تسير بشكل جيد وصحيح... تعمّق فيه أكثر فأكثر... وهذا سيكون أفضل من السير في الطرق الفرعية الملتوية...
فانطلق باستقامة كالسهم...... دون أي هم أو وهم......

الحالـة الأفضـل للعقـل

يمكنك تنزيل الملف التالي و الذي يحتوي شرحا مفصلا عن حالات العقل...

مسار الملف:

http://www.baytalhaq.com/ebooks/TheProperStateOfMind.doc

من الترح إلى الفرح

مسار الملف:

http://www.baytalhaq.com/ebooks/tarahtofarah.doc

f